شدّد رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال استقباله في قصر بعبدا نقيب الصحافة عوني الكعكي على رأس وفد ضمّ أعضاء مجلس النقابة، على "أنّه ورث العديد من الملفات - الأزمات، لكنّه يسعى الآن إلى حلّها انطلاقا من موقع مسؤوليته"، مشيراً إلى أنّ "التباعد بين السلطة والمواطن مردّه إلى أزمات إقتصادية نتجت عن اعتماد الإقتصاد الريعي منذ العام 1993 وحتّى اليوم، من دون أي تغيير أو تأقلم مع الأوضاع الجديدة"، منوّهاً إلى أنّ "في المقابل، نحن نسعى للإنتقال إلى الإقتصاد المنتج، الأمر الّذي يتطلّب وقتاً، وقد بدأنا بإعداد الدراسة اللازمة وهي ستنتهي قريباً بالتعاون مع شركة "ماكينزي" لتعيين القطاعات المنتجة الّتي يجب أن يبنى عليها الإقتصاد".
ولفت إلى أنّ "بالنسبة لعدم الثقة بين المواطنين والدولة، فلا يجوز التعميم بإطلاق الأحكام، وثمّة مسؤولية مشتركة يتحمّلها العديد من القطاعات وهي ليست محصورة بالدولة فحسب، وللإعلام أيضاً حصّته في الأمر. فحين يتمّ الحديث عن فضيحة، لا يعمد الصحافيون إلى سؤال المتحدث أكان نائباً أو وزيراً أو غير ذلك، للتحقّق من الأمر وكشف الأدلة ليتحرّك القضاء على أساسها"، مبيّناً أنّ "هذا ما دفعني، في افتتاح السنة القضائية، إلى طلب استدعاء هؤلاء لتقديم الأدلة. هناك على سبيل المثال دلائل مخفية، فحين يتمّ تلزيم مشروع يلجأ المعنيون إلى رفع سعر التلزيم ليأخذوا المردود فيما بعد من المتعهد".
وتساءل الرئيس عون "هل بإمكان أحد التحقيق مع أحدهم وهو في موقع المسؤولية؟ الآن بالطبع لا. فهناك شبكة كبيرة تقوم بهذه الأعمال، إلّا أنّه بامكانكم أنتم تقديم المساعدة، وذلك من خلال تسميتكم للأبرياء من على منابركم والإضاءة على المرتكبين"، مركّزاً على أنّ "لكم دوراً كإعلاميين، والإعلام حر في لبنان. وحتّى لو افترضنا انّ استدعاء إعلامي ما لإعطاء إفادته كان خطأ وقد كان بريئاً، فإنّ عدم حضوره يوضع في إطار مخالفة قضائية، فلا يمكن لأحد أن يتمرّد على القضاء لأنّه إذ ذاك يكون قد انتهى القضاء".
وأكّد الرئيس عون أنّ "لوسائل الاعلام دوراً في المساعدة على تعميق الثقة بين القضاء والمواطنين، كما بين المواطنين مع بعضهم البعض، وذلك للحدّ من الخلافات".
وفي قضية الكهرباء، أوضح "أنّني أريد أن أعود ستّ سنوات إلى الوراء، أي إلى ما نشرته يومذاك جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 22 تموز في ما خصّ أزمة الكهرباء، ولن أذكر الآن أياً من الأسماء لأنّ جميعها أسماء كبيرة. لقد وُضعت الخطة حينها كي تتمّ عرقلة المساعي الّتي أقوم بها لإنجاز بعض المشاريع ومنها الكهرباء"، مذكّراً أنّه "صدر تصريح الوزير أكرم شهيب آنذاك حيث قال فيه "نعمل على فرملة عون". ومنذ ذلك الوقت بدأت وسائل الإعلام بتوجيه الإتهامات لفريقنا وتحميله مسؤولية أزمة الكهرباء، وتمّ وقف الإعتمادات، وبدأ الحديث عن الخلاف بيننا وبين الآخرين حول التمويل، علماً أنّ الحكومة هي الّتي تستطيع أن تقرّر مصدر التمويل، إن كان من المصارف أو من الصندوق العربي وغيره"، مشيراً إلى أنّهم "قالوا إنّنا لا نريد التمويل من الصندوق العربي وذلك لتعقيد العملية. وماذا قررت الحكومة في هذا الامر حينها؟ مع الاسف لم تقرر شيئاً. وأدعو الجميع إلى قراءة هذا المقال ليفهموا الموضوع كما بدأ وكيف انتهى".
وبيّن الرئيس عون "أنّنا صوّتنا في مجلس الوزراء على خطة إنقاذية، وقد حصل خطأ في الشكل وليس في الجوهر، حيث تمّ التلزيم في مكتب الوزير وليس في مكتب رئيس مجلس إدارة مصلحة كهرباء لبنان. وطلبت من الجميع في مجلس الوزراء في حال كان هناك ما هو أنسب من هذا التلزيم ويعطي لبنان كهرباء بسعر أقل لنعتمده، إذ انّ مجلس الوزراء قادر على اتخاذ قرارات إستثنائية، فكان الجواب أنّه علينا إعادة المناقصة، وقد أتت المناقصة الثانية بالنتيجة نفسها"، مركّزاً على أنّ "الجميع يريد تأمين الكهرباء في غضون ستة أشهر، ولو كانت المدّة سنة فسيتغير الإلتزام، وخلال سنتين سيتمكّن لبنان في هذه الحال من بناء سنترالات للكهرباء".
وشدّد على أنّ "ما يهمّنا هو تأمين الكهرباء في المدة الزمنية القصيرة وعدم الإنتظار ليتمكّن لبنان من بناء معامل إنتاج، ولذلك علينا شراء الكهرباء من أي مصدر كان، وأنا لن أعترض أو أسأل إلّا عن الأسعار. وهذه هي المشكلة كلّها، فهم يعودون إلى الجدل البيزنطي"، لافتاً إلى أنّ "خلال الأسبوع القادم علينا أن نقرّر المصدر الّذي سيتمّ من خلاله تأمين الكهرباء، فهناك احتمالات عدّة وسنعرضها على مجلس الوزراء لاختيار ما هو مناسب".
وحول قانون ضمان الشيخوخة، بيّن الرئيس عون "أنّني قدّمت في العام 2006 عندما كنت رئيساً لـ"تكتل التغيير والإصلاح" اقتراح قانون لضمان الشيخوخة، وتم تأخيره، وذلك ليس على خلفية المحتوى ولكن على خلفية من سيمسك القانون والنسبة الطائفية مع الأسف"، مشيراً إلى أنّ "اليوم من موقعي الرئاسي سوف أطلب من مجلس النواب الجديد أن ينظر في هذه القضية ولن أسمح بتأخيره وتأخير غيره من مشاريع القوانين المهمة، كإنشاء محكمة خاصة ومتخصّصة في جرائم المال والدولة وغيرها من القوانين"، منوّهاً إلى "أنّني قدّمت في السابق 156 اقتراح قانون، ومنها مدّ أنبوب غاز من الشمال إلى الجنوب، وذلك لاستعماله في الصناعة وإنشاء السنترالات، حيث سيتمّ بذلك توفير مليار ومئة مليون دولار، وكانت تكلفة أنبوب الغاز 400 مليون دولار، وبذلك ستستردّ قيمة تكلفته في أقل من سنة. فهم يحوّلون القوانين إلى اللجان المشتركة حيث يتم تأخير البت بها".
أمّا في ما يتعلّق بقضية المدارس، فأوضح أنّ "هناك أربعة جهات على خلاف في ما بينها، المدارس والأساتذة والأهالي والحكومة، ولم يتوافقوا إلى اليوم على أي حل، لكنّنا نواصل السعي للوصول إلى اتفاق".
وفي موضوع النفايات وحول ما إذا كان صحيحاً أنّ هناك دولاً عرضت أن تأخذ نفاياتنا وتدفع لنا ثمنها، ركّز الرئيس عون، على أنّ "هذه الدول لم تعرض أن تدفع ثمنها، بل أن تأخذ النفايات وتستعملها لتوليد الكهرباء، ونحن نشتريها منها. هناك عروض قُدّمت ولكن لم يتمّ البحث بها"، كاشفاً "أنّنا اقترحنا خطة تعتمد على اللامركزية، حيث يهتمّ كلّ قضاء بمعالجة نفاياته، إن كان بطمرها أو عبر إنشاء محارق. المواطن يفاقم المشكلة، وكل إنسان يريد أن يضع النفايات عند جاره، ولا أحد يريد أن يبقي نفاياته في منطقته او يتلفها، وهذه مشكلة مهمّة"، معلناً أنّ "بمبادرة منّي، أرسلنا 3 مهندسين إلى سويسرا، لمعاينة آلات جديدة لمعالجة النفايات تعطي نتائج جيّدة جدّاً، لنعرف بعدها ما إذا كان بامكاننا استقدام مثلها إلى لبنان".
أمّا في ما يتعلّق بالوضع الإقتصادي، أشار إلى "أنّنا بدأنا بالكلام عن مشروع سلسلة الرتب والرواتب في أول شهرين من ولايتي، فيما كنّا ندرك واقع الوضع الإقتصادي والوضع المالي في البلاد. قلت لهم قبل ان تتحدّثوا عن مشروع زيادة الرواتب، عليكم أن تقولوا للمواطنين إنّ لبنان افتقر. ولكن ما حصل هو العكس، ولجأوا إلى المزايدة"، مبيّناً أنّ "الآن ترون العجز في الموازنة وفي ميزان المدفوعات، والتحركات الإجتماعية الّتي تحصل، لأنّه لا يمكنك أن تعطي قطاعاً دون باقي القطاعات".
وأكّد الرئيس عون، أنّ "لذا قلت إنّنا اذا اكملنا في هذا النهج فلبنان سيسير على طريق الإفلاس. أنا أطلق هذا التحذير ليتحمّل كلّ إنسان مسؤولياته، فالبطالة ارتفعت بشكل مخيف لتبلغ 46 بالمئة، والسبب هو أنّ اللبناني إنتقائي في اختيار الوظائف الّتي يريدها؛ لذا يأتي العامل السوري ويحلّ محلّه بأجر أدنى"، موضحاً أنّ "اليوم، الأمم المتحدة تشكرنا على انسانيتنا في التعامل مع النازحين السوريين الّذين بلغ عددهم مليون و850 الف شخص، وقد زارني قبل أيام المفوض الاوروبي لسياسة الجوار، ولم يكن مرتاحاً في اللقاء، لأنّني قلت له إنّ الشكر والمديح لا يطعمان خبزاً. عليكم أن تعالجوا قضية النازحين قبل أن نصبح نحن نازحين".